أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 19 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 17 أكتوبر 2011 12:15

- أحكام الطّيبِ للمحرِم

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ الإحرام هو نيّة أحد النّسكين: الحجّ أو العمرة، أو نيّتهما معا.

وإذا أحرم المسلم حرُم عليه ثمانية أمور:

1- تقليم الأظفار.

2- وأخذ شيء من شعره.

3- ولبس الرّجل المخيط المحيط بالجسد، ولبس المرأة النّقاب والقفّازين.

4- والخِطبةُ وعقد النّكاح لنفسه، أو لغيره.

5- ويحرم عليه الصّيد إلاّ صيد البحر، بل لا يأكل من الصّيد الّذي صِيد له.

6- والجماع ودواعيه.

7- والجدال: لقوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.

8- ومسّ الطّيب.

وهذه الأسطر إنّما نتناول فيها الأمر الثّامن، وهو الطّيب.

المبحث الأوّل: الدّليل على تحريم الطّيب على المحرم.

في ذلك حديثان وإجماع:

- الحديث الأوّل: ما رواه الشّيخان عن ابنِ عُمَر رضي الله عنهما عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ )).

[والزّعفران والورس: نباتان طيّبا الرّائحة يُصبغ بهما].

- الحديث الثّاني: ما رواه البخاري ومسلم أيضا عن ابْنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال:

بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْعَصَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ بِثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا )).

والشّاهد: قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( ولا تحنّطوه )، والحنوط: نوع من أنواع الطّيب يستعمل في تجهيز الميّت.

وفي رواية لهما قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا )).

[انظر "شرح مسلم" للنّووي، و" زاد المعاد " لابن القيّم (2/239)، و"فتح الباري" لابن حجر].

- أمّا الإجماع:

فقد قال ابن قدامة المقدسيّ رحمه الله في " المغني " (3/296):" أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب ".

المبحث الثّاني: ما هو الطّيب المحرّم على المحرِم ؟

اتّفقوا على أنّ الطّيب المصنوع من الإنسان محرّم على المحرِم.

ولكنّهم اختلفوا في الطّيب غير المصنوع على قولين:

أ) فمذهب الحنفيّة وبعض المالكيّة وأحمد في رواية: أنّه يحرم.

ب) ومذهب الشّافعيّة والحنابلة أنّه لا يحرم، وهو مذهب طاوس، وعطاء، ومجاهد، وابن المنذر.

والقول الثّاني هو الصّحيح إن شاء الله.

والدّليل على ذلك أنّ المحرم غير ممنوع من السّدر، كما في الحديث السّابق ذكرُه ابن عبّاس رضي الله عنه.

وللمانعين ثلاثُ علل:

إحداها: أنّه يقتل الهوامّ من رأسه، وهو ممنوع من التفلّي.

الثّانية: أنّه ترف وإزالة للشّعث، وهذا ينافي الإحرام.

الثّالثة: أنّه يستلذّ رائحته فأشبه الطِّيب.

وأجاب ابن القيّم رحمه الله عن ذلك بقوله:

" والعلل الثلاث واهية جدّا، والصّواب جوازه للنصّ، ولم يُحرِّم الله ورسوله على المحرم إزالةَ الشّعث بالاغتسال ولا قتل القُمَّل، وليس السّدر من الطِّيب في شيء " [" زاد المعاد " (2/239)].

المبحث الثّالث: تفصيل أحكام التطيّب للمحرم.

وفي ذلك مسائل ثلاث:

المسألة الأولى: حكم تطييب الثوب.

- فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم تطييب المحرِم لثيابِه، للتّنصيص عليه في حديث ابن عبّاس السّابق.

ومن هنا قال العلماء: المحرم ممنوع من استعمال الطِّيب في إزاره، أو ردائه، وجميع ثيابه، وفراشه، ونعله، حتى لو عَلِق بنعله طيبٌ وجب أن يبادر إلى نزعه.

ولا يضع عليه ثوبا مسّه الورس أو الزّعفران، أو نحوُهما من صبغٍ له طيب.

كذلك لا يجوز له حمل طيب تفوح رائحتُه، أو شدّه بطرف ثوبه، كالمسك.

- أمّا الثوب الّذي فيه طيب قبل الإحرام، فاختلفوا في جواز لبسه على قولين:

أ) فلا يجوز عند الحنفية والمالكيّة لبسُه.

ب) ويجوز عند الشّافعية والحنابلة تطييبُ ثوب الإحرام عند إرادة الإحرام، ولا يضرّ بقاءُ الرّائحة في الثوب بعد الإحرام، كما لا يضرّ بقاء الرّائحة الطيّبة في البدن اتّفاقا، قياسا للثّوب على البدن.

والقول الثّاني هو الصّحيح إن شاء الله؛ لما رواه البخاري ومسلم عن عائشةَ حين ذُكِر لَهَا قَوْلُ ابنِ عُمَرَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا ! فَقَالَتْ عَائِشَةُ:" أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا ".

وقالت رضي الله عنها:" كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم وَهُوَ مُحْرِمٌ ".

وبوّب البخاري لهذا الحديث بقوله:" باب من تطيّب، ثمّ اغتسل وبقي أثر الطيب ".

ومن قواعد الفقه: أنّه يغتفر في الدّوام ما لا يغتفر في الابتداء.

تنبيه: لكنّ الفقهاء نصّوا على أنّه لو نزع ثوب الإحرام، أو سقط عنه، فلا يجوز له أن يعود إلى لبسه ما دامت الرائحة فيه، بل يزيل منه الرائحة ثم يلبسه.

المسألة الثّانية: تطييب البدن.

يحرم على المحرم استعمال الطّيب في بدنه باتّفاق الفقهاء، ولو للتّداوي.

ولا يخضب رأسه، ولا لحيته، ولا شيئا من جسمه، ولا يغسله بما فيه طيب.[من ذلك استعمال الصّابون المصنّع المشتمل على عطور].

المسألة الثّالثة: شمّ المحرم للطّيب.

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

أ) يُكرَه عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة، ولا جزاء فيه عندهم.

[" المسلك المتقسط " (ص 82)، و"الدرّ المختار " (2/291)، وشرح الزّرقاني على الموطّأ (2/311)].

ب) أما الحنابلة فقالوا: يحرم تعمُّد شمِّ الطّيب، ويجب فيه الفداء، كالمسك والكافور ونحوهما ممّا يُتطيّب بشمّه.

["الشرح الكبير وحاشيته " (2/72)].

المبحث الرّابع: متى يحلّ الطّيب للمحرم ؟

القول الأوّل: قول جمهور أهل العلم:

أنّ التحلّل الأوّل يحلّ للمحرم كلّ شيء، بما في ذلك الطّيب، إلاّ النّساء، فلا يحلّ له معاشرتهنّ إلى التحلّل الثّاني.

إلاّ أنّ التحلّل الأوّل يحصل عند الجمهور بفعل اثنين من ثلاثة: الرّمي، والطّواف، والحلق.

وأمّا ابن حزم رحمه الله فيرى التحلّل الأوّل بمجرّد الرّمي، كما في "المحلّى" (7/139)، وقال:" وهو قول عائشة، وابن الزّبير، وطاوس، وعلقمة، وخارجة بن زيد بن ثابت ".

وقول ابن حزم رحمه الله هو الصّواب؛ لما رواه أحمد والنّسائي وابن ماجه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال:

" إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ ".

وقد يقول قائل: هذا رأي لابن عبّاس رضي الله عنهما ؟!

فالجواب: أنّه رفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم: (( إِذَا رَمَيْتُمْ الجَمْرَةَ؛ فَقَدْ حَلَّ كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ )) [" السّلسلة الصّحيحة " برقم (239)].

ففي الحديث دلالة ظاهرة على أنّ الحاجّ يحلُّ له بالرّمي كلّ محظور من محظورات الإحرام إلاّ الوطء؛ فإنّه لا يحلّ له بالإجماع.

القول الثّاني:

بعض أهل العلم منع المحرمَ من الطّيب إلى أن يتحلّل التحلّل الثّاني، فألحقوا الطّيبَ بالنّساء.

وهو قول عمر رضي الله عنه وبعض الصّحابة والتّابعين، وعليه بعض الحنفيّة كما ذكر ابن عابدين في " حاشيته " على "البحر الرائق" (2/373).  وحكى الخلاف فيه غير واحد من أهل العلم؛ منهم ابن رشد في " البداية " (1/295).

واستدلّوا بما رواه مالك والتّرمذي وغيرهما أنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ رضي الله عنه خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ وَقَالَ لَهُمْ - فِيمَا قَالَ -:

" إِذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، لَا يَمَسَّ أَحَدٌ نِسَاءً وَلَا طِيبًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ".

قال التّرمذي رحمه الله:

" وفي الباب عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنه، والعملُ على هذا عندَ أكثرِ أهلِ العلْمِ من أصحابِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم وغيرهمْ، يرون أنّ المحرمَ إذا رمى جمرةَ العقبةِ يومَ النّحرِ، وذبح وحلقَ أو قصّر، فقد حلّ له كلّ شيءٍ حرُم عليهِ، إلا النِّسَاءَ.

وهو قولُ الشّافعيِّ وأحمدَ وإسحقَ.

وقد رويَ عن عمرَ بنِ الخطّابِ رضي الله عنه أنّه قال: حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ. وقد ذهب بعض أهل العلمِ إلى هذا من أصحاب النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وغيرِهم، وهو قولُ أهلِ الكوفةِ ".اهـ.

التّرجيح:

والصّحيح إن شاء الله هو مذهب جمهور الصّحابة والعلماء، لما رواه أحمد والنّسائي وابن ماجه عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال:

إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ " قِيلَ: وَالطِّيبُ ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَتَضَمَّخُ بِالْمِسْكِ، أَفَطِيبٌ هُوَ ؟.

وروى التّرمذي عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ.

والله أعلم، وأعزّ وأكرم.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.